فصل: الشاهد السادس والعشرون بعد المائتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.وقائع البساسيري مع الأعراب والأكراد لطغرلبك.

لما استولى طغرلبك على النواحي وأحاط بأعمال بغداد من جهاتها وأطاعه أكثر الأكراد إلى حلوان كثر فسادهم وعيثهم والتفت عليهم الأعراب وأهم الدولة شأنهم وسار إليهم البساسيري واتبعهم إلى البوازيج فظفر بهم وقتل وغنم وعبروا الزاب وجاء الديلم فتمكن من العبور إليهم وذلك سنة خمس وأربعين وأربعمائة ثم دعاه دبيس صاحب الحلة إلى قتال خفاجة وقد عاثوا في بلاده فاستنجد به وسار إليهم فأجلاهم عن الجامعين ودخلوا المفازة واتبعهم فأدبههم بخفان فأوقع بهم وغنم أموالهم وأنعامهم وحاصر حصن خفان وفتحه وخربه وأراد تخريب القائم الذي به وهو بناء في غاية الارتفاع كالعلم يهتدى به قيل إنه وضع لهداية السفن لما كان البحر إلى النجف فصانع عنه ربيعة بن مطاعم بالمال وترك له وعاد إلى بغداد فصلب من كان معه من أسرى العرب ثم سار إلى خوي فحصرها وقرر عليها سبعة آلاف دينار.

.فتنة الأتراك واستيلاء عساكر طغرلبك على النواحي.

كان الأتراك من جند بغداد قد استفحل أمرهم على الدولة واشتطوا وتطاولوا إلى الفتنة عندما هدأت ريحها بظهور طغرلبك واستيلائه على النواحي فطالبوا الوزير في محرم سنة ست وأربعين وأربعمائة بمبلغ كبير من أرزاقهم ورسومهم وأرهقوه واختفى في دار الخلافة فاتبعوه وطلبوه من أهل الدار فجحدوه فشغبوا على الديوان وتعدوا إلى الشكوى من الخليفة وساء الخطاب بينهم وبين أهل الديوان وانصرفوا وشاع بين الناس أنهم محاصرون دار الخلافة فانزعجوا وركب البساسيري وهو النائب يومئذ ببغداد إلى دار الخلافة وطلب الوزير وكبس الدور من أجله فلم يوقف له على خبر وشغب الجند ونهبوا دار الروم وأحرقوا البيع وكبسوا دار ابن عبيد وزير البساسيري ووقف أهل الدروب لمنع بيوتهم من الأتراك فنهبوا الواردين وعدمت الأقوات والبساسيري في خلال ذلك مقيم بدار الخلافة إلى أن ظهر الوزير وقام بهم بما عليهم من ثمان دوابه وقماشه.
واتصل الهرج وعاد الأعراب والأكراد إلى العيث والإغارة والنهب والقتل وجاءت أصحاب قريش صاحب الموصل فكبسوا حلل كامل ابن عمه بالبردوان ونهبوا منها دواب وجمالا من البخاتي كانت هناك للبساسيري فتضاعف الهرج وانحل نظام الملك ووصل عساكر الغز إلى الدسكرة مع إبراهيم بن إسحاق من أمراء طغرلبك ورستبارد فاستباحوها ثم تقدموا إلى قلعة البردوان وقد عصى صاحبها سعدي على طغرلبك فامتنعت عليهم فعاثوا في نواحيها وخربت تلك الأعمال وانجلى أهلها وسارت طائفة أخرى إلى الأهواز فخربوا نواحيها وقوي طمع السلجوقية في البلاد وخافت الديلم ومن معهم من الأتراك وضعفت نفوسهم ثم بعث طغرلبك أبا علي بن أبي كاليجار الذي كان صاحب البصرة في عساكر السلجوقية إلى خوزستان فانتهى إلى سابور خواست وكاتب الديلم بالوعد والوعيد فنزع إليه أكثرهم واستولى على الأهواز ونهبها عساكر السلجوقية وصادروا أهلها وهرب أهلها منهم.

.الوحشة بين القائم والبساسيري.

قد قدمنا ما وقع من قريش بن بدران في نهب حلل البساسيري أصحابه سنة ست وأربعين وأربعمائة ثم وصل إلى بغداد أبو الغنائم وأبو سعد ابنا المحلبان صاحب قريش ودخلا في خفية فهم البساسيري بأخذهما فأجارهما الوزير رئيس الرؤساء عليه فغضب وسار إلى جرى والأنبار فملكهما ورجع ولم يعرج على دار الخلافة وأسقط مشاهرات القائم والوزير وحواشي الدار من دار الضرب ونسب إلى الوزير مكاتبته طغرلبك ثم سار في ذي الحجة من سنة ست وأربعين وأربعمائة إلى الأنبار وبها أبو الغنائم بن المحلبان ونصب عليها المجانيق ودخلها عنوة وأسر أبا الغنائم في خمسمائة من أهلها ونهب البلاد وعاد إلى بغداد وقد شهر أبا الغنائم وهم بصلبه فشفع فيه دبيس بن صدقة وكان قد جاء مددا له على حصار الأنبار فشفعه وصلب جماعة من الأسرى.